كيف تجذب إليك المعجبين … في أقل وقت ممكن؟
عزيزي القارئ… لعلك أتيت إلى هذا المقال باحثاً عن قواعد وأصول جذب المعجبين, من أجل هذا أود أن أوضح لك من البداية أن هذا المقال لا يغطي هذا الموضوع الهام في حياتك وحياتنا جميعاً نحن معشر الرجال والنساء, وكي لا تتهمني بالتضليل وحتى لا أصبح في نظرك مثل بائع متجول نصاب يبيع قفص من الليمون على أنه مشمش حموي أقول لك إن هذا المقال يتحدث فقط عن التدوين.
ربما ترفع حاجبك إلى أعلى على طريقة الفنان محمد المليجي وتقول لي بصوت أجش " طالما أن هذا المقال عن التدوين فلماذا هذا العنوان الغريب؟" معك حق, سؤال وجيه, العنوان الذي اخترته لهذا المقال له قصه طريفة فتعالى أرويها لك, لكن بعد أن تهدأ قليلاً وتتناول كوباً من عصير الليمون الذي باعه لك البائع المتجول منذ قليل.
زوار مدونتي يتزايدون والحمد لله بصورة طبيعية يوماً بعد يوم, وبالرغم من أن هذه الزيادة تسير ببطء إلا أنني مطمئن طالما أن هناك زيادة بغض النظر عن حجمها حتى ولو كان متواضعاً, لكن في يوم من الأيام شذت هذه القاعدة وخرجت الأمور عن المألوف , فقد تفجأت بارتفاع غريب في عدد الزيارات, فقلت في نفسي لعل شيء قد حدث وأن الأمور ستعود إلى طبيعتها في اليوم التالي, وأتى اليوم التالي واكتشفت أن عدد الزوار تضاعف عن البارحة, ويوم بعد يوم ولأكثر من أسبوع لم تتوقف هذه الزيادة الغير طبيعية.
شيء مفرح أن تجد عدد زوار مدونتك في ازدياد, لكن المقلق في حالتي أن الزيادة كانت مفاجأة وغير متدرجة, من أجل هذا دفعني الفضول للبحث عن أسباب هذه الزيادة العفريتية, استخدمت جوجل أنالتكس وبعض الأدوات والبرامج الأخرى لعلي أحل هذا اللغز المحير, وبالفعل… استطعت بتوفيق الله أولاً ثم بفضل الوسائل التي دائماً ما استخدمها في مثل تلك الحالات أن أكتشف سر هذه الزيادة المفاجئة في عدد الزوار.
اكتشفت أن هذه الزيادة حدثت عندما نشرت مقال بعنوان " قانون الجذب وأسراره الخارقة التي تكشف لأول مرة", وتساءلت متعجباً: لماذا الناس منشغلون هذه الأيام بهذا القانون؟, وأصارحكم القول كاد أن يتسلل الغرور إلى نفسي, ولما لا, وها أنا أكتب شيء ذا بال أعيى الناس بحثاً في كل مكان ولم يجدوه في أي مكان آخر سوى في مدونتي.
وقبل ما تأخذني العزة بالإثم, اكتشفت السر وراء اهتمام الزوار بقانون الجذب وأسراره, وذلك بعد استعراض العبارات التي كاتبوها والتي جعلت محركات البحث ترشح لهم مقالي المذكور أعلاه. وإليكم بعض هذه العبارات التي كان يستخدمها أغلب الزوار:
كتبت مجموعة منهم العبارة التالية " كيف أجذب بنت الجيران؟" ومنهم أيضاً من كتب " كيف تكون شخصيتي جذابة للبنات؟" وبعضهم يبدو أنه كان في ورطة حينما كتب " كيف أجذب إلي أي فتاة و بسرعة" !!! ولا أدري بالضبط ما مبعث هذه العجلة؟!
الحمد لله, لم يتمكن الغرور من الإنتصار علي, فقد أيقنت من العبارات السابقة أن أغلب الزوار قد أتوا إلى مدونتي لا لأن مقالي حل لغز بناء الهرم الأكبر بل لأن محركات البحث الصماء هي التي أتت بهم بطريق الخطأ, ومع ذلك اكتشفت أن فئة منهم قد جاءت إلى مدونتي لمعرفة " ما هو قانون الجذب؟" إلا أنهم كان يريدون معرفته لنفس أسباب ودوافع الشريحة الأولى من الزوار, علمت هذا من خلال عبارات بحثهم والتي كانت كالأتي:
- " كيف أستخدم قانون الجذب لكي أجذب فتاة معينة"
- " هل يعمل قانون الجذب مع البنات"
- " قانون الجذب... البنات.. الحب"
عزيزي القارئ: لم أكتب هذه القصة من أجل التسلية فقط, فمن خلال هذه القصة نستطيع نحن المدونين أو من هم على وشك خوض مجال التدوين أن نستخلص بعض العبر والاستنتاجات, أيضاً من خلالها سنلقي الضوء على بعض النقاط الهامة التي يجب على كل مدون أن يراعيها ويتفهمها ويعالجها:
1- عدد الزوار أم نوعية الزوار:
زيادة عدد زوار أي مدونة ليس أمر صعب المنال كما يصوره البعض, أقول هذا الكلام لأني لاحظت أن هناك بعض الأصوات المثبطة للمدونين أو لمن هم على وشك التدوين, هذه الأصوات ترفض التدوين وحجتهم في ذلك أن عدد زوار المدونة لا يمكن مقارنته أبداً بعدد زوار المنتديات ومن ثم لا يمكن تحقيق منفعة مادية أو معنوية من هذا الباب, للأسف فكرة الذين يرددون مثل هذا الكلام تذكرني إلى حد كبير بفكرتي عن الفلاسفة في أيام الصبا, فلا أدري من كان السبب في ظني أن الفلاسفة هم هؤلاء الناس الذين لا يستحمون.
نصيحتي إلى كل مدون أو إلى من هم على وشك خوض مجال التدوين أن لا يلتفتوا إلى مثل هذه الأصوات, فأنت كمدون لست مطالب بأن تكون صاحب منتدى يجعل من منتداه مكان لتبادل البضائع المفيرسة, ولست مطالب أن تكون مثل صاحب موقع إباحي أو شبه إباحي يئن موقعه بالآلاف المراهقين, أنت ستصبح مدون والمدون يقدم فكر وثقافة وأدب وأحاسيس وترفيه مشروع يراعي الذوق ويعليه. و لا أتطاول على أصحاب المنتديات, فهناك منتديات محترمة تقدم أشياء ذات قيمة, إنما أقصد هؤلاء الذين أنشئوا منتدياتهم من أجل الربح فقط, الربح بأي وسيلة فهم أشبه بقنوات الفيديو كليب الهابطة أو قنوات المسابقات التليفونية التافهة .
من يستخدم (جوجل انسيتس) يلاحظ أن أكثر الكلمات التي يكثر استعمالها من قبل مستخدمي الإنترنت العرب في مربعات البحث – عصب زوار أي موقع- تتمحور حول العبارات التالية " مواقع أفلام" " صورة بنات" " مشاهدة أفلام مباشرة" " تحميل مجاني", فيمكنك كمدون أن تنشئ مدونة تغطي هذه المواضيع, لكن حينما تقدم مثل هذه الأشياء هل ستعتبر نفسك ساعتها مدون ناجح إذا وصل عدد زوار مدونتك إلى أكثر من ألف زائر في اليوم؟
عدد الزوار المرتفع في كثير من الأحيان كسراب بقيع يحسبه الظمآن ماء, فكما ذكرنا في المقال السابق أن من ضمن وسائل الربح المادية للمدون هي أن يحصل المدون على وظيفة من خلال مدونته أو أن تعرض عليه إحدى دور النشر عرض بنشر أعماله في كتاب, فهل تجرؤ أن تعرض مدونة تحميل أفلام أو أغاني أو صور فنانات على صاحب العمل في الإنترفيو, هل صاحب دار النشر سيعرض عليك أن ينشر ما تحتويه مدونتك من صور فنانات.
الإشكالية ليست في زوار كثيرين كزبد البحر, الإشكالية هي نوعية هؤلاء الزوار, فزائر واحد يحترم قلمك أفضل من ألف زائر يأتون إلى مدونتك لتحميل برنامج ملغم بالفيروسات أو فيلم هابط وبعد حصولهم على ما يريدون لا يذكرون حتى إسم موقعك.
عزيزي المدون, لا تلتفت لأنصار مواقع " من فضلك ضع رد ليظهر لك رابط التحميل", عليك أن تدون واترك الزوار يزدادون تدريجياً, فمع الأيام ومع الاستمرار في التدوين الجيد سيرتفع عدد الزوار ويتجاوز الآلاف وساعتها يكون للعدد قيمة والكمية لن تكون مهملة بأي حال من الأحوال.
2- قلة التعليقات:
ستلاحظ قلة عدد التعليقات على مقالاتك, لا تقلق فالعيب ليس فيك ولا في قلمك, ندرة التعليقات شيء طبيعي يعاني منه أصحاب أكبر المواقع وأشهر المدونين, فهناك دراسة (يمكن الإطلاع عليها من هنا) بينت أن نسبة 90% من زوار المواقع الإلكترونية سلبيون و 9% منهم يشاركون بصورة ضئيلة و 1% منهم يشارك بصورة كبيرة, معنى هذا الكلام أن من بين مائة قارئ لمقالك سيشارك 9 منهم بنسبة ضئيلة وواحد منهم يشارك بصورة كبيرة. فلا تتعجب إذا أتاك تعليق أو تعليقان كل فترة على مقال من مقالاتك, ولتجنب هذه النتيجة السلبية علينا أن نعرف ما هي الأسباب التي تدفع الناس على المشاركة أو التعليق على أي مقال:
الدافع الانفعالي: من المعروف أن التابوهات في مجتمعنا العربي ثلاث: الدين, الجنس, السياسة, لذلك يعلق الناس بكثرة على مواضيع تخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثل مقال ينتقد الحجاب, أيضاً يعلق الناس على ما يهين الأوطان أو الأجناس أو الأعراق, أيضاً يعلق الناس عن قضية مخالفة لقانون علمي شهير أو لحقيقة تاريخية مثبتة. ولا أطلب منك أن تكتب في مثل هذه الأشياء لزيادة عدد التعليقات فكل من أتبع هذه الطريقة سواء من السياسيين أو من الأدباء سقط في مستنقع الفشل, لكن في الوقت نفسه يمكن تناول قضايا تخالف الإجماع العام بطريقة علمية وموضوعية سنوضحها في مقالات مقبلة إن شاء الله.
الدافع المادي: يعلق كثير من الناس على مقال أو موضوع ما من أجل تحقيق منفعة معينة, فحينما يكون الموضوع مهم وبه معلومات ناقصة أو غير واضحة يدفع المهتمين به إلى ترك تعليق طالبين من المدون توضيح ما به من غموض أو إكمال ما به من نقص, لذا عليك أن لا تقول كل شيء في مقالك, فعليك أن تترك مساحة كافية لذكاء القارئ يستطيع من خلالها أن يعبر عن نفسه.
التعليق الاضطراري: في كثير من الأحيان يجبر المدون الناس على التعليق حينما يتعمد مكافئة من يعلق بشيء مادي, فمثلاً حينما يعرض مدون كتاب من كتبه بالمجان بشرط أن يترك من يريد الحصول عليه تعليق, فتجد أن هذا المقال من أكثر المقالات تعليقاً بالمقارنة بغيره من المقالات في المدونة, من هنا ندرك أن على المدون أن يستخدم نظرية العصا والجزرة مع زواره ولا عيب في ذلك.
المجاملة: يعلق بعض الناس من باب المجاملة لناس آخرين, فأنت تعلق في مدونتي إذاً فعلي أن أعلق على مدونتك,وهذا الأمر لا بأس به طالما أن التعليق يثري الموضوع ويقومه حتى ولو كان من باب المجاملة.
سهولة التعليق: التعليق على مقال في مدونة بلوجر أصعب من التعليق على مقال في مدونة وردبرس وذلك لسهولة مربع التعليق ووضوحه في الأخيرة, لذلك على المدون أن يهتم بموضع ومظهر مربع التعليق قدر الإمكان.
3- اكتب فيما تعرفه:
"عليك أن تكتب في شيء أنت خبير فيه" نسمع كثيراً هذه العبارة وهي من وجهة نظري المتواضعة عبارة فاشلة وتؤدي إلى توقف العلم وجموده, فلو كانت هذه العبارة صحيحة لما كان هناك داعي للبحث العلمي أو الإطلاع, فنحن في كل يوم نقرأ لأطباء يكتبون في السياسة ولأدباء يكتبون في العلوم المختلفة, ولو توقف كل شخص عند حدود خبرته لنضب ما في جعبته مبكراً ولتوقف عن الإبداع. العبارة الصحيحة يجب أن تكون كالتالي " أكتب في شيء تحبه" ومع البحث العلمي الصحيح والإطلاع ستكون خبيراً فيه.
4- الإلمام باللغة:
من أكثر الكلمات التي لا أحبها هي كلمة " بلورة" و " سحل" و " شجب" ومع أنها كلمات ستخدم كثيراً في هذه الأيام, إلا أن التكلف في استخدام اللغة له أثار سلبية, فأنت كمدون تكتب للشباب, وشباب جيلنا يعاني من مشاكل كثيرة, فلا تزيد مشاكلهم بكلماتك الصعبة التي تحتاج إلى معجم, أكتب بأسلوب بسيط وسهل وابتعد عن التعقيد أو الإسفاف, استخدم لغة الجرائد وضع كلماتك في قالب جذاب فأنت حينما تدون تخطط لاستقطاب شريحة كبيرة من الشباب وينافسك في ذلك قنوات فضائية ومجلات وجرائد, فحاول أن تتفوق عليهم.
لا تجعل اللغة تعيقك, فالكتابة صنعة, والصنعة تأتي بالممارسة ومن فوائد التدوين أنه يوفر لك الفرصة لهذه الممارسة, المهم أن تحتوي كتاباتك على أفكار وإبداعات, وأثناء التدوين حاول التعرف على القواعد الأساسية للغة, ومع مرور الأيام سيتحسن أسلوبك ويرتقي قلمك.
في هذا المقال استعرضنا بعض الإشكاليات الهامة التي قد تعيق المدون وتصيبه بالإحباط, لذا على أي مدون لكي يكون ناجحاً أن يتخلص من المخاوف المسبقة وعليه أن يعرف أن وظيفته الأولى والأخيرة هي كتابة محتوي مفيد بأسلوب جيد في قالب جميل.
عزيزي القارئ في نهاية المقال أعتذر على التعارض بين العنوان وموضوع المقال ولن أقول لك كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في إحدى قصائده " نظرة, فابتسامة, فسلام, فكلام, فموعد, فلقاء" بل أقول لك كما قال في البيت الأخير من نفس القصيدة " اتقوا الله في قلوب العذارى, فالعذارى قلوبهن هواء"
مقالة للأخ المتميز حسن محمد الكاتب المصري المقيم في قطر اعتبرها الجزء الثاني والتي يتحدث فيها عن أهمية التدوين ..